توسّعت الساحة الرقمية اليوم لتشمل جميع أنواع الأعمال. وبفضل سهولة الوصول إلى الحلول التقنية والرقمية، تقوم المزيد من المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالاستناد إلى البيانات والذكاء الرقمي في كافة نشاطاتها. ويتمثل أحد الجوانب البارزة لهذا التحول في الزيادة الملحوظة في التجارة الإلكترونية التي شهدها العالم في السنوات القليلة الماضية، والتي تسارعت وتيرتها بمعدل غير متوقع جراء الوباء.
ولا تزال المملكة العربية السعودية بيئة رئيسية لازدهار التجارة الإلكترونية في المنطقة. فالمملكة موطن لحوالي 900,000 شركة صغيرة ومتوسطة، تشكل 90٪ من جميع الأعمال التجارية المسجلة، وفقًا لتقرير “منشآت”. ووجد التقرير أن 84% من هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة قابلة للاستفادة من التجارة الإلكترونية كمصدر إضافي للدخل، مما يعني أن هناك فرصة استثنائية لحوالي 750,000 شركة صغيرة ومتوسطة في المملكة لتأسيس وجود رقمي وزيادة حصتها في السوق بشكل كبير.
لقد عقدنا شراكة مع “بيبسيكو” و “مركز ريادة الأعمال الرقمية” (كود) لإطلاق برنامج سكيل أب من بيبسيكو في المملكة العربية السعودية. وتهدف هذه المبادرة إلى تمكين الشركات الناشئة السعودية، أو تلك التي تتخذ من المملكة مقراُ لها من السوق الإلكتروني من خلال مدهم بالموارد الضرورية والتوجيه اللازم لتطوير أعمالهم رقمياً.
إحداث الفرق
إن شركة بيبسيكو على علمٍ باحتياجات السوق السعودي، حيث أطلقت مبادرات مثل “بيبسيكو غرين هاوس” و”هاكاثون الشباب العربي” خلال الأعوام الست الماضية. وقد كان لنا لقاء مع عمر العربي، مدير الاتصالات في شركة بيبسيكو في المملكة العربية السعودية، حيث سلط الضوء على أهمية دعم البيئة التقنية والريادية في السعودية من خلال برامج التمكين المبتكرة هذه.
بعد حملة تواصل مكثفة، تمّت دعوة 100 من الشركات التي تتخذ من السعودية مقراً لها إلى برنامج سكيل أب من بيبسيكو لمشاركة ببرنامج تسريع الأعمال لشهرين والذي يشمل جلسات توجيه وتدريب ، فضلاً عن فرص للتواصل.
يعمل المشاركون في برنامج سكيل أب على صقل مهاراتهم وتعلم أساسيات التجارة الإلكترونية وكيفية بناء نموذج للأعمال الرقمية مربحة، وكيفية إنشاء أعمالهم في السعودية، فضلًا عن كيفية تحسين قدراتهم التقنية لتوسيع قاعدة عملائهم وتنمية أعمالهم رقميًا.
بناء القدرات ودعم تنمية بيئة التجارة الإلكترونية السعودية بشكل مستدام يشكلان هدفان رئيسيان في إطار رؤية المملكة 2030. كما يهدف البرنامج أيضًا إلى زيادة الوعي حول أهمية هذا القطاع في الاقتصاد السعودي وضرورة تعزيز نموّه وتطويره.
وإحدى أهم المهام ضمن رؤية المملكة 2030 هي رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 ٪. في ضوء ذلك، يعتبر “العربي” أن هذا البرنامج وسيلة لتشجيع المجتمع الناشئ من رواد الأعمال السعوديين وتسريع هذه المساهمة.
يشمل برنامج سكيل أب قطاعات مختلفة إذ يطال البرنامج شبكة واسعة من الصناعات المتنوعة،من مستحضرات التجميل إلى الترفيه إلى المنتجات الرقمية، وكلها تبشر بالنمو ضمن البيئة الريادية في السعودية. على سبيل المثال، من المتوقع أن تولد صناعة مستحضرات التجميل الحلال في المملكة 22.87 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، حيث سيبلغ حجم سوق مستحضرات الماكياج وحدها 1،197 مليون دولار أمريكي في المملكة.
كما تقدّم صناعة الترفيه فرصاً هائلة إذ من المتوقع أن يبلغ حجم السوق 1.17 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، ليشكل أولوية قصوى لرؤية السعودية 2030. أما المبادرات مثل “مواسم السعودية”، التي تم إطلاقها في عام 2019، فهي تمهد السوق لنظام بيئي ترفيهي نابض بالحياة. من خلال دعم هذه الصناعات الناشئة، فإننا نستثمر في إمكانات غير المستغلة.
جمع الخبرات من أجل بيئة ريادية مزدهرة
لعبت كل من “أسترولابز” و “بيبسيكو” و”كود” دورًا حيويًا في بناء هذا البرنامج الشامل وفقًا للرؤية المشتركة لقطاع التجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية.
ويوظف برنامج سكيل أب خبرة بيبسيكو في مجالات عدّة منها التوريد وتطوير الأعمال والبحث والتطوير، مما يسمح للمشاركين بتسويق أفكارهم على نطاق عالمي.
يدعم “كود” التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هذا التعاون وفقًا لرؤية المملكة العربية السعودية 2030. ويأتي هذا كخطوة أخرى نحو تحقيق الأهداف التي حددتها المملكة في تعزيز الدور الأساسي لكل من المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتجارة الإلكترونية في استراتيجية التنمية.
بحسب نقاط قوتهم واحتياجاتهم ومجالات نموهم، فإننا نعمل على تزويد المشاركين بعدد من الأدوات والمهارات المفيدة. وهكذا تتعلم المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي ليس لها واجهة رقمية كيفية إنشاء قنوات وعمليات عبر الإنترنت، مثل تشغيل موقع أو تطبيق للتجارة الإلكترونية، أو تفعيل ودمج بوابات الدفع الرقمية، أو الوصول إلى جماهير جديدة من خلال الأسواق الرقمية وتطبيقات التسليم. بالنسبة للشركات التي لها وجود رقمي قوي، فإنها تستفيد من النصائح والدروس حول وضع استراتيجيات تسويق رقمية فعالة، واستهداف شريحة عملاء أوسع من خلال الإعلانات المدفوعة، وتقنيات تحسين وجودها على محركات البحث.
جيل جديد من رواد التجارة الإلكترونية
تم تصميم برنامج سكيل أب لتحقيق تأثير كبير، وهو يرتقي بالمواهب الصاعدة على ساحة التجارة الإلكترونية السعودية من خلال تجهيزهم بالأدوات الضرورية وتشجيعهم على متابعة رحلة النمو والإنجاز. أما الجانب الأكثر تأثيرًا للبرنامج فهو بدون شكّ الإلهام الذي ينشره في المحيط الريادي المحلي.
وقد وصف عامر شيخ، الرئيس التنفيذي لشركة بيبسيكو في الشرق الأوسط المبادرة بحراك تشهده السعودية، ويتوقع أن تساهم مشاركة روّاد الأعمال ال100 في البرنامج بتشجيع الكثيرين غيرهم.
إن طموح ومثابرة المواهب وأصحاب الأعمال الصاعدين والموهمبين من أهم ركائز المملكة. ويعتبر هذا البرنامج وسيلتنا لتشجيعهم على الانطلاق في عالم ريادة الأعمال، وهم يتمتّعون بالقدرات اللازمة للانضمام إلى مجتمع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتجارة الإلكترونية في السعودية، الذي يشهد ازدهاراً هائلاً. وهذا التأثير المضاعف هو من ضمن المساعي التي نسعى جاهدين إلى تحقيقها.